متحف قلعة عجلون يسرد تاريخ المحافظة العريق في قلب الأردن

يُعد متحف قلعة عجلون في المملكة الأردنية الهاشمية شاهدًا حيًا على تعاقب الحضارات وتنوّع أنماط الحياة التي مرت بها محافظة عجلون على مر العصور، حيث تحتضنه القلعة التاريخية ذات الطابع المعماري الإسلامي، ليشكّل بذلك محطة ثقافية فريدة تجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر.

ويعرض المتحف بين جدرانه مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تم اكتشافها في مواقع مختلفة داخل المحافظة، ضمن تسلسل زمني دقيق يُبرز تطور الحياة اليومية للإنسان العجلوني من العصور القديمة وحتى العصور الإسلامية المتأخرة، مما يتيح للزائر رحلة معرفية شاملة عن تاريخ المنطقة وإرثها الثقافي.

يهدف هذا المتحف، بحسب ما أكده مدير آثار عجلون أكرم العتوم، إلى تقديم صورة متكاملة عن الإرث الحضاري للمحافظة، من خلال عرض مقتنيات تمثل الأدوات المنزلية والفخاريات والعملات والأسلحة والأواني الحجرية، وكلها توثّق مراحل متعاقبة من الاستيطان البشري في عجلون.

ولا يقتصر دور المتحف على حفظ هذه المقتنيات، بل يتجاوز ذلك ليكون مركزًا لتثقيف الزوار وتعزيز الوعي بقيمة الآثار المحلية، خصوصًا في ظل تزايد الحركة السياحية إلى الموقع خلال العطل الرسمية والمواسم السياحية، ما يعكس تنامي الاهتمام بالسياحة الثقافية.

وتسعى مديرية الآثار في عجلون إلى تطوير المتحف بشكل مستمر، من خلال تحسين أساليب العرض وتحديث البنية التحتية، بما يتماشى مع المعايير الحديثة للعروض المتحفية، لتقديم تجربة تفاعلية أكثر جذبًا للزوار.

ويُعزّز وجود المتحف داخل قلعة عجلون الأثرية من قيمة المكان، حيث يرى الزائر في تناغم العرض المتحفي مع الطابع المعماري الإسلامي للقلعة رابطًا طبيعيًا بين التاريخ المادي والمكان الجغرافي، الأمر الذي يجعل من زيارة المتحف تجربة متكاملة تُثري الفهم بتاريخ المحافظة وأهميتها الاستراتيجية عبر العصور.

وأشادت المواطنة رنا بطوش بأهمية هذا المتحف كمصدر للمعرفة، مؤكدة أن موقعه داخل القلعة يضفي عليه طابعًا استثنائيًا، ويجعله نقطة جذب رئيسية للسياحة المحلية، ودعت في هذا السياق إلى تعزيز دعم مثل هذه المبادرات الثقافية التي تحافظ على الهوية الوطنية.

كما أكد الناشط السياحي محمد المومني أن متحف قلعة عجلون يُعد بوابة رئيسية لمسارات السياحة الثقافية في المنطقة، حيث يوفر للزائر سياقًا تاريخيًا يُكمل زيارته للقلعة ويمنحه فهمًا أعمق للتاريخ المحلي.

وأشارت نادية محمد، عضو جمعية نسمة شوق السياحية، إلى أن المتحف يمثّل أحد أبرز المعالم الثقافية في المحافظة، لما يحتويه من معروضات تُجسّد التنوع الحضاري الذي شهدته عجلون، من العصور الحديدية والرومانية إلى الفترات الإسلامية المتعاقبة، موضحة أن هذا التنوع يجعل المتحف مرآة حقيقية للتاريخ الأردني المتجذر.

وتكمن أهمية متحف قلعة عجلون في دوره التكاملي مع باقي المواقع السياحية والأثرية في المنطقة، حيث يُسهم في تعزيز الحركة السياحية من جهة، وتنمية الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على التراث من جهة أخرى، ما يجعله نموذجًا يحتذى به في ربط الثقافة بالتنمية، والسياحة بالتاريخ.