قصبة المضمار ببدر الجنوب تراث معماري يتحدى الزمن

آخر الأخبار

محمد توفيق
2025-07-25 | 9:51 ص
تابعنا على تويتر للحصول على أخر الاخبار
تُجسّد قصبة المضمار الواقعة في الحي القديم من محافظة بدر الجنوب نموذجًا حيًا للعمارة الطينية التقليدية في جنوب المملكة، وتُعد من أبرز المعالم التاريخية التي صمدت في وجه الزمن لتروي فصولًا من تاريخ المنطقة الممتد لأكثر من ثلاثة قرون.
وتمثل القصبة شاهدًا معماريًا وثقافيًا على حياة المجتمعات القديمة، حيث شُيّدت في قلب القرية كأحد أنماط البناء الدفاعي المعروف محليًا بـ”القصبة”، بهدف مراقبة الحقول الزراعية وتأمين محيط القرية من التهديدات الخارجية، في تجسيد حي لوظائف المباني التي تتجاوز السكن إلى الحماية والرصد.
وتتميّز القصبة بتصميمها الدائري الفريد الذي يبدأ بقاعدة واسعة تتقلص تدريجيًا مع ارتفاع البناء، لتأخذ شكل البرج المخروطي الذي يتكون من سبعة أدوار، ويشرف على الوادي والقرية المجاورة وجبل القهرة، ما يمنحها موقعًا استراتيجيًا يجعلها نقطة مراقبة مثالية.
وقد خضعت مؤخرًا لعملية ترميم دقيقة تحت إشراف هيئة التراث بالمنطقة، في إطار الجهود الوطنية للحفاظ على المعالم التاريخية وإعادة إحيائها لتكون جزءًا من ذاكرة المجتمع ومسارات السياحة الثقافية.
ويُؤكد مانع آل سعد، نائب رئيس جمعية الآثار والتاريخ في نجران، أن محافظة بدر الجنوب لا تختزل تاريخها في قصبة المضمار فحسب، بل تحتضن العديد من المواقع الأثرية الجاذبة التي تعكس تنوع الإرث المعماري والحضاري، مثل بيوت الطين القديمة، وقلعة القشلة المشيدة على قمة جبل القهرة والتي تطل على مركز المحافظة من جميع الجهات، ما يمنح الزائر مشهدًا بانوراميًا خلابًا، في حين تُطل القصبة من وسط الحي القديم، شامخة بعلوها، شاهدة على تاريخ من الأمن والدفاع في القرية التي تُعرف باسم المضمار.
ويبرز ضمن هذا السياق أيضًا قصر “الثغر” التاريخي، أحد أبرز القصور الحجرية في المنطقة، والذي يعود بناؤه إلى عهد الدولة السعودية الأولى، إذ أمر بتشييده الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد عام 1221 هـ، ويُعد نموذجًا فريدًا للعمارة الدفاعية، إذ يتألف من أربعة طوابق، وبرج مراقبة ضخم محاط بسور حجري عالٍ، تتوسطه بئر عميقة كانت تُستخدم لتأمين المياه أثناء الحصار أو الأزمات.
وتضم المحافظة كذلك عددًا من الرسوم والنقوش الصخرية التي تعكس عمق الحضارة التي عاشت في هذه المناطق، وتُعد شاهدة على التفاعل البشري مع البيئة على مدار قرون.
وتسعى الجهات المعنية اليوم إلى توثيق هذه المواقع وصيانتها ضمن خطة وطنية متكاملة تهدف إلى تحويل التراث المحلي إلى مورد معرفي وثقافي وسياحي، يُثري ذاكرة الأجيال ويُسهم في تعزيز الهوية الوطنية، في حين تواصل قصبة المضمار وقلاع بدر الجنوب الأخرى سرد حكايات التاريخ على جدرانها الصامتة.